يقول الله عز وجل
{الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم}
كلنا يقرأ هذه الاية ولا يتبادر في اذهاننا الا المعنى القريب وهو ان الطيبات من النساء للطيبين من الرجال كأزواج والعكس
انما هذا المعنى ليس هو المقصود من الآية وإن كانت الاية تشمله
ان الله سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء ويختار
فالله سبحانه خلق في الكون المتباينات ، والاختلاف سنة كونية ولولاها لما عمرت الارض ولا كانت الحكمة من الابتلاء والاختبار
وما كان هناك صراعا بين المتضادات من خير وشر وحسن وقبح وجمال ودمامة وابيض يشع نورا واسود يكتمه ومنعه
هكذا خلق الله الخلق واختار سبحانه من كل صنف انفعه وافضله ليميز سبحانه بين الخبيث والطيب والحسن والسئ وليكن عند الناس نماذج يقاس عليها
فيحاول من كانت فيه صفة قبيحة ان يحسنها ليصل بها الى اقرب ما يكون من النموذج المقابل لها في الحسن وهكذا
ولذك التباين كانت النتائج ايضا متباينة فالسعادة متلازمة مع الطيْب والشقاوة متلازمة مع الخُبْثِ وهكذا ....
فالطيب لا يحب الا الطيب ولا يقبل ان يكون الا طيبا ولا يقبل ان يتصف الا بالاوصاف الطيبة والاخلاق الحسنة
فيكون بذلك حقيقا بالسعادة
وغلى النقيض فالشقي هو في اصله خبيث لا يرضى الا بالخبث ولا يصدر منه الا الخبيث من الاقوال والافعال والصفات
وكذلك يكون جزاؤه خبيث
وهو الشقاوة والحرمان من السعادة
وهنا يقصد بالسعادة السعادة الحقيقية لا السعادة المزيفة .... السعادة الدائمة التي يلقى العبد اثرها في قلبه
لا السعادة الذائلة التي لا يبقى بعدها في قلب العاصي الا الندم
ولا يكون عاقبتها الا الخسران والخذلان
وعليه يكون تفسير الآية هكذا
الطيبات من الصفات والاعمال والخصال للطيبين في انفسهم المحبين لكل طيب
وهؤلاء الطيبين لهم الطيبات جزاءا وفاقا .... الطيبات من الرزق والطيبات من الأجر ...... وهكذا